سورة التغابن

سورة مدنية

مِن مَّقَاصِدِ السُّورَةِ:

التحذير مما تحصل به الندامة والغبن يوم القيامة.

التَّفْسِيرُ:

(١) يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ

يُنَزِّه الله ويُقَدِّسه عما لا يليق به من صفات النقص كل ما في السماوات وما في الأرض من الخلائق، له وحده الملك، فلا مَلِكَ غيره، وله الثناء الحسن، وهو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء.

(٢) هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ

هو الذي خلقكم - أيها الناس - فمنكم كافر به ومصيره النار، ومنكم مؤمن به ومصيره الجنة، والله بما تعملون بصير، لا يخفى عليه من أعمالكم شيء، وسيجازيكم عليها.

(٣) خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ

خلق السماوات وخلق الأرض بالحق، ولم يخلقهما عبثًا، وصوّركم -أيها الناس - فأحسن صوركم مِنَّة منه وتفضلًا، ولو شاء لجعلها قبيحة، وإليه وحده الرجوع يوم القيامة، فيجازيكم على أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

(٤) يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ

يعلم ما في السماوات ويعلم ما في الأرض، ويعلم ما تخفون من الأعمال ويعلم ما تعلنونه، والله عليم بما في الصدور من خير أو شر، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

(٥) أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُ فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ

ألم يأتكم - أيها المشركون - خبر الأمم المكذِّبة من قبلكم؛ مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، فذاقوا عقاب ما كانوا عليه من الكفر في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب موجع؟! بلى، قد أتاكم ذلك، فاعتبروا بما آل إليه أمرهم؛ فتوبوا إلى الله قبل أن يحلّ بكم ما حلّ بهم.

(٦) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِيهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٞ يَهۡدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْۖ وَّٱسۡتَغۡنَى ٱللَّهُۚ وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٞ

ذلك العذاب الذي أصابهم إنما أصابهم بسبب أنه كانت تأتيهم رسلهم من عند الله بالحجج الواضحة والبراهين الجلية، فقالوا مستنكرين أن تكون الرسل من جنس البشر: أبشر يرشدوننا إلى الحق؟! فكفروا وأعرضوا عن الإيمان بهم، فلم يضرّوا الله شيئًا، واستغنى الله عن إيمانهم وطاعتهم؛ لأن طاعتهم لا تزيده شيئًا، والله غني لا يفتقر إلى عباده، محمود في أقواله وأفعاله.

(٧) زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ

زعم الذين كفروا بالله أن الله لن يبعثهم أحياءً بعد موتهم، قل - أيها الرسول - لهؤلاء المنكرين للبعث: بلى وربي لتُبْعَثُنّ يوم القيامة، ثم لتُخْبَرُنّ بما عملتم في الدنيا، وذلك البعث على الله سهل؛ فقد خلقكم أول مرّة، فهو قادر على بعثكم بعد موتكم أحياء للحساب والجزاء.

(٨) فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلنُّورِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلۡنَاۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ

فآمنوا - أيها الناس - بالله، وآمنوا برسوله، وآمنوا بالقرآن الذي أنزلناه على رسولنا، والله بما تعملون خبير، لا يخفى عليه من أعمالكم شيء، وسيجازيكم عليها.

(٩) يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّ‍َٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ

اذكر - أيها الرسول - يوم يجمعكم الله ليوم القيامة ليجازيكم على أعمالكم، ذلك اليوم الذي يظهر فيه خسارة الكفار ونقصهم، حيث يرث المؤمنون منازل أهل النار في الجنة، ويرث أهل النار منازل أهل الجنة في النار، ومن يؤمن بالله ويعمل عملًا صالحًا يكفِّرِ الله عنه سيئاته، ويدخله جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، لا يخرجون منها، ولا ينقطع عنهم نعيمها، ذلك الذي نالوه هو الفوز العظيم الذي لا يدانيه فوز.

من فوائد الآيات:

• من قضاء الله انقسام الناس إلى أشقياء وسعداء.
• من الوسائل المعينة على العمل الصالح تذكر خسارة الناس يوم القيامة.