(١٢) يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ يُبَايِعۡنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَيۡ‍ٔٗا وَلَا يَسۡرِقۡنَ وَلَا يَزۡنِينَ وَلَا يَقۡتُلۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ وَلَا يَأۡتِينَ بِبُهۡتَٰنٖ يَفۡتَرِينَهُۥ بَيۡنَ أَيۡدِيهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ فَبَايِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ

يا أيها النبي، إذا جاءك النساء المؤمنات يُبايعنك - مثل ما حدث في فتح مكة - على ألا يشركن بالله شيئًا، بل يعبدنه وحده، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهنّ جريًا وراء عادة أهل الجاهلية، ولا يُلْحِقن بأزواجهنّ أولادهنّ من الزنى، ولا يعصينك في معروف من مثل نهيه عن النياحة والحلق وشق الجيب؛ فبايعهنّ، واطلب لهنّ المغفرة من الله لذنوبهنّ بعد مبايعتهنّ لك، إن الله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.

ولما بدأت السورة بالتحذير من موالاة أعداء الله اختتمت بالتحذير منها تأكيدًا لما سبق، فقال تعالى:

(١٣) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ

يا أيها الذين آمنوا بالله وعملوا بما شرعه لهم، لا تتولوا قومًا غضب الله عليهم لا يوقنون بالآخرة، بل هم يائسون منها مثل يأسهم من رجوع موتاهم إليهم لكفرهم بالبعث.

سورة الصف

سورة مدنية

مِن مَّقَاصِدِ السُّورَةِ:

حثّ المؤمنين لنصرة الدين.

التَّفْسِيرُ:

(١) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ

نَزَّهَ اللهَ سبحانه وتعالى وقَدَّسه عن كل ما لا يليق به ما في السماوات وما في الأرض، وهو العزيز الذي لا يغلبه أحد، الحكيم في خلقه وقدره وشرعه.

(٢) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ

يا أيها الذين آمنوا بالله، لم تقولون: فعلنا شيئًا، ولم تفعلوه في الواقع؟! كقول أحدكم: قاتلت بسيفي وضربت، وهو لم يقاتل بسيفه ولم يضرب.

(٣) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ

عَظُم ذلك المبغوض عند الله وهو أن تقولوا ما لا تفعلونه، فلا يليق بالمؤمن إلا أن يكون صادقًا مع الله، يُصَدِّق عملُهُ قولَه.

(٤) إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ

إن الله يحبّ المؤمنين الذين يقاتلون في سبيله ابتغاء مرضاته صفًّا بعضهم جنب بعض كأنهم بنيان متلاصق بعضه ببعض.

ولما ذكر الله القتال وامتدح المؤمنين المُتَراصِّين في القتال في سبيله، ذكر ما كان عليه أصحاب موسى وعيسى من مخالفة رسوليهما، تحذيرًا للمؤمنين من مخالفة نبيهم، فقال:

(٥) وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ

واذكر - أيها الرسول - حين قال موسى لقومه: يا قوم، لم تؤذونني بمخالفة أمري وأنتم تعلمون أني رسول الله إليكم؟! فلما مالوا وانحرفوا عما جاءهم به من الحق أمال الله قلوبهم عن الحق والاستقامة، والله لا يوفق للحق القوم الخارجين عن طاعته.

من فوائد الآيات:

• مشروعية مبايعة ولي الأمر على السمع والطاعة والتقوى.
• وجوب الصدق في الأفعال ومطابقتها للأقوال.
• بيَّن الله للعبد طريق الخير والشر، فإذا اختار العبد الزيغ والضلال ولم يتب فإن الله يعاقبه بزيادة زيغه وضلاله.